اللى أمر منه، «فإجمالى إيرادات الدولة - تقريبا - 600 مليار جنيه والنفقات 900 مليار، والفارق بينهما هو رقم العجز المخيف، والدول كلأفراد يلجأون إلى سد العجز بالسلف والدين، لهذا ارتفع إجمالى الدين العام للدولة إلى 3000 مليار جنيه، مسجلا أعلى زيادة للديون فى تاريخ مصر، والاستمرار فى هذا الوضع معناه الانتحار، والتدهور الشديد الذى يصل إلى حد عدم القدرة على توفير الاحتياجات الضرورية، للغذاء والدواء والكساء، ومعظمها يتم استيراده من الخارج.
فاتورة الواردات 90 مليار دولار والصادرات 18 مليارا، ومطلوب تدبير 6,5 مليار دولار شهريا للواردات، فى الوقت الذى تراجع فيه غطاء النقد الأجنبى فى البنك المركزى إلى 16 مليار دولار فقط، واستمرار هذا الوضع معناه أيضا الانتحار، لأننا نستورد أكثر من
90% من الزيت والعدس والفول والقمح والذرة الصفراء، ونسب كبيرة من اللحوم والمنتجات الغذائية الأخرى والأدوية، وأصبحنا نعتمد على الخارج فى كل شىء، وبات الدولار هو صاحب الكلمة العليا، وفقدنا مقومات الاعتماد على الذات.
تلك تراكمات سنوات طويلة، وليست وليدة اليوم، واستفحلت الأزمة بعد 2011 وما تلاها من سنوات الخراب والاستنزاف، وتراجعت معدلات العمل والإنتاج إلى الصفر، وهربت الاستثمارات العربية والأجنبية، بعد أن وصلت إلى 17 مليار دولار سنويا، وتراجعت نسبة النمو إلى 1% بعد أن تخطت الـ 7%، وارتفع سقف الاحتجاجات والمطالب الفئوية، فالكل يريد أن يأخذ دون أن يعطى، وارتفعت المرتبات من 88 مليار جنيه إلى 240 مليارا، وأصبحت الأوضاع الاقتصادية تركة ثقيلة، تنوء عن حملها الجبال.
الانتظار معناه مزيد من التدهور والانهيار، والمواجهة تحتاج جراحة عاجلة، لها آثار سلبية كبيرة، خصوصا على الفقراء ومحدودى الدخل، والحكمة تقتضى جرأة اتخاذ القرار مهما كانت قسوته، وتخفيف الآثار الجانبية إلى أقصى درجة ممكنة، وأن تكون لدى الحكومة الجرأة والشجاعة والإرادة، لتمد يدها فى جيوب الأغنياء والقادرين، ليتحملوا حصتهم العادلة فى الإصلاح، وأن تبدأ بنفسها لتكون قدوة ومثالا، فتخفض مرتبات الوزراء وكبار المسؤولين، وتنهى مظاهر البذخ والإسراف، وتتشدد مع المتمردين على قانون الحد الأقصى للأجور، وتقول لهم ضعوا فى عيونكم فص ملح، أو أن تكشفهم للرأى العام، فنحن فى وقت يحتاج إلى التلاحم والاصطفاف، لتعبر البلاد الأزمة - بإذن الله - بسلام.